تابع معي أخي الحبيب قصّة هذا الشابّ المسلم الذي حمل همّ دينه، ورفض أن يساوَم في إسلامه لأجل كرة القدم، بل وقرّر أن يجعل كرة القدم وسيلة للدّعوة إلى الله..
(فريدريك عمر كانوتي).. لعلّ كثيرا من شبابنا لم يسمعوا بهذا الاسم من قبل، لأنّهم لا يعرفون من نجوم كرة القدم إلا أولئك الذين جعلوا من هذه اللّعبة هدفا وغاية وحياة، وضحّوا لأجلها بكلّ غال ونفيس.. لعلّ كثيرا من شبابنا يعرفون كلّ تفاصيل حياة لاعب برشلونة رونالدينيو، ولا يعرفون شيئا عن هذا اللاعب المسلم..
فريديريك عمر كانوتي لاعب ماليّ مسلم، في الثانية والثلاثين (32) من عمره.. لاعب عُرف بأخلاقه الحسنة ومعاملته الطيّبة.. يلعب لفائدة فريق أشبيلية الإسباني.. رفض هذا اللاعب المسلم أن يرتدي القميص الجديد لفريق أشبيلية، أتدري لماذا أخي الحبيب؟ لأنّ عليه إعلانَ قمار وهو ما يحرّمهالإسلام، وبقي مصرا على قراره حتى اضطرّت إدارة النّادي إلى التّنازل عن الزيّ الجديد احتراماً لهذا الرجل المسلم المعتزّ بدينه..
وفي العام 2007م، أي قبل سنتين من الآن، علم هذا اللاعب أنّ المسجد الوحيد بأشبيلية سيهدم، فاشترى أرض المسجد من ماله الخاصّ حتى لا يهدم، ودفع في سبيل ذلك نصف مليون أورو..
كان هذا اللاعب في أثناء تدريبات الفريق، وبمجرّد دخول وقت الصلاة، يترك التدريبات ويذهب ليصلي، ومع مرور الوقت وبعد عدة إنذارات من إدارة النادي، تقرّر أن يعاقَب اللاعب بالخصم من راتبه، فما كان منه إلا أن قال في عزّة المؤمن: افعلوا ما يحلو لكم، وأنا أفعل ما يمليه عليّ ديني.. وحينما رأت إدارة النّادي أنّ ذلك لم يُجد نفعا مع هذا اللاعب، قرّر مدرّبُ الفريق إيقاف التدريبات وقت الصلاة..
كان هذا اللاعب كثيرا ما يقول: "صلاتي أهمّ عندي من الاحتراف".. فالله أكبر.. ما أكرم المسلم حينما يكون معتزا بدينه، يرفض المساومة عليه مقابل عرَض من الدّنيا قليل..
بل ويقود هذا اللاعب المسلم حملة في أسبانيا وأوروبا.. حملة تدعو المسلمين للمواظبة على صلاة الفجر.. حملة جعل لها شعارا: "صلاة الفجر هي مقياس حبك لله عز وجل".. ويقول واسمعها جيدا أخي الشّابّ يا من تضيّع الصّلاة لأجل كرة القدم، يقول: "إنّ الواحد منّا إذا أحبّ آخر حبا صادقا أحبّ لقاءه، بل أخذ يفكّر فيه كلّ وقته، وكلما حانت لحظة اللقاء لم يستطع النّوم، حتي يلاقي حبيبه، فهل حقا أولئك الذين يتكاسلون عن صلاة الفجر يحبّون الله؟ هل حقا يعظّمونه ويريدون لقاءه؟"..
ليس هذا فحسب، بل إنّ هذا اللاعب يخوض أصعب مباريات فريقه التي توافق رمضان وهو صائم.. وقدّم أعظم المواقف في الملاعب لنصرة فلسطين.. ورفع شعار نصرة غزّة بخمس لغات.. وتحمّل كلّ المتاعب في سبيل ذلك..
تأمّل أخي الحبيب.. هذا رجل مسلم ربّما لا يتقن اللّغة العربية جيدا، ولكنّه يقدّم لدينه الكثير، ولم تشغله الكرة عن الأمر العظيم الذي خلق لأجله..
هذه هي كرة القدم وهذه هي الرّياضة التي نريد.. هذه هي المواقف التي نتمنّى أن نراها في حياة كلّ لاعب مسلم.. نريد للاعب المسلم أن يكون عزيزا بدينه يرفض كشف فخذيه.. يرفض إضاعة الصّلاة لأجل الكرة.. يرفض أن تتحوّل كرة القدم إلى وسيلة للفتنة بين المسلمين..
***
وهذه قصّة شابّ آخر، أمريكيّ الجنسية، مَنّ الله عليه فأسلم سنة 1990م، وسمّى نفسه (محمود عبد الرؤوف).. لاعب كرة سلّة في دوري المحترفين.. كان من أمهر لاعبي كرة السلّة في أمريكا.. يكسب أكثر من ثلاثين (30) ألف دولار في المباراة الواحدة، هذا في التّسعينات.. كان دائما ما يتهرب من الوقوف لتحية العلم الأمريكيّ، ويتعمّد التأخّر لدخول الملعب..
وفي عام 1996م رفض الوقوف لتحية العلم الأمريكي قبيل إحدى المباريات التي يلعبها فريقه.. وعندما سئل عن ذلك قال كلمة زلزلت من حوله، قال: "إنّ كان عليّ أن أقف لله، فينبغي أن أجلس أمام العلم الأمريكي، إنّ علم أمريكا رمز للقهر والظلم ولا أستطيع أن أقف احتراما له"..
كان يتمثّل ويستشهد بقول النبيّ (صلى الله عليه وآله): (أعظم الجهاد كلمة حقّ عند سلطان جائر).. وحينما اضطرّ للوقوف لتحية العلم الأمريكيّ ما كان منه إلا أن كان يتعمّد رفع يديه وإغماض عينيه أثناء النشيد الأمريكي ويدعو ويقرأ القرآن.. ممّا أثار صليبية بعض الأمريكيين، فقاموا باقتحام المسجد الذي يصلي فيه.. وقاموا بإحراق بيته.. وشنّت عليه المنظّمات الأمريكية الصّهيونية حملة شعواء.. ولكنّه ظلّ صامدا متمسّكا بدينه، لسان حاله:
تهون الحياة وكلّ يهون * ولكنّ إسلامنا لا يهون
إذا ما أرادوا لنا أن نميل * عن النّهج قلنا لهم مستحيل
لنا نهجنا من إله جليل * وإنّا به دائما مؤمنون
هو الدّين عصمتنا في الحياة * وليس لنا من سبيل سواه
فإسلامنا نبضنا والعيون * على رغم ما يمكر الماكرون
بلا الدين فالموت أولى بنا * ولسنا نفرّط في ديننا
فيا ظلمة الشرّ نحن السّنا * وهيهات يطفئنا الحاقدون.
ثم ما كان من هذا اللاعب المسلم الأبيّ إلا أن انتقل للّعب في أوروبا، ثمّ انتقل إلى السّعودية فرارا بدينه..
هذا الذي نريده أخي المؤمن.. نريد القلوب أن تتعلّق بهذا الدّين.. وأن يهون أمامها كلّ شيء أمام الدّين..
***
هذا ما قدّمه عمر كانوتي.. ومحمّد عبد الرّؤوف للإسلام.. فهل سألت نفسك أخي المؤمن يا من تعلّق قلبك بكرة القدم.. يا من تقضي بياض نهارك وسواد ليلك مع أخبار الكرة.. يا من جعلت الكرة غاية وهدفا.. يا من صارت كرة القدم تسري في دمك وتخالط لحمك وعظمك.. يا من ألهتك كرة القدم عن الصّلاة وعن ذكر الله.. هل سألت نفسك: إلى متى؟. هل سألت نفسك: ماذا قدّمتَ لدينك؟.. أنت تعلم أنّ الله جلّ وعلا لم يخلقك هملا.. لم يخلقك لتجعل اللّعب هدفا في هذه الحياة..
أنت عبد مؤمن عاقل وينبغي أن تفكّر وتتساءل: ماذا قدّمت في هذه الحياة لنفسي، ماذا قدّمت لديني؟.. ماذا قدّمت لأمّتي؟.. ماذا قدّمت لوطني الذي أعتزّ وأفخر بعلمه؟.. إخوانٌ لي في فلسطين وأفغانستان والعراق والشّيشان يقدّمون أموالهم وأرواحهم لنصرة هذا الدّين.. فماذا قدّمتُ أنا في ظلّ الأمن والأمان؟.. ماذا سأقول لربّي إذا سألنيماذا قدمت للإسلام؟ بأيّ وجه سأقابل النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلّم) يوم القيامة وأنا الذي فرّطت في ديني.. سالَ دمه الشّريف (صلى الله عليه وآله وسلّم)، وأدميت عقباه، وشجّ وجهه، وكسرت رباعيته، وربط الحجر على بطنه من شدّة الجوع لأجل أن يبلغني هذا الدّين، فماذا قدّمت أنا الآن؟..
تأمّل أخي ماذا يقدّم غيرك.. شابّ مسلم في مدينة (ميونخ) الألمانية.. رأى عند مدخل المدينة لوحة إشهارية كبيرة لعجلات السيارات كتب عليها: "أنت لا تعرف إطارات يوكوهاما". فما كان من هذا الشابّ المسلم إلا أن دفع ثمن لوحة إشهارية أخرى إلى جانب تلك اللّوحة، أ تدري ماذا كتب عليها؟ كتب عليها: "أنت لا تعرف الإسلام.. إن أردت معرفته اتصل بنا على هذا الرّقم".. انهالت عليه اتصالات من الألمان من كلّ حدب وصوب، واستطاع بإذن الله أن يدخل إلى الإسلام في سنة واحدة ألف (1000) ألمانيّ ما بين رجل وامرأة، وجاءته المساعدات فبنى مسجدا ومركزاً إسلامياً وداراً للتعليم..
فكّر جيدا أخي المؤمن واتّخذ قرارك...